الدبلوماسية السعودية وملف العقوبات على سوريا.. من الموقف إلى التأثير

لعبت المملكة العربية السعودية دورًا محوريًا في تحريك المياه الراكدة في ملف العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، حيث قادت تحركًا دبلوماسيًا نشطاً لحث الأطراف الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، على إعادة النظر في سياستها تجاه دمشق.
وانطلقت هذه التحركات من رؤية متوازنة تبناها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – تقوم على أن استمرار العقوبات لم يسهم في حل الأزمة، بل ساهم في تعميق معاناة الشعب السوري، وأدى إلى تفاقم التحديات الإنسانية والاقتصادية داخل سوريا.
وعبر عدة قنوات دبلوماسية ومحافل سياسية، أكدت المملكة أهمية إعادة دمج سوريا في محيطها العربي والدولي، بما يخدم الاستقرار الإقليمي ويفتح الباب أمام تسوية سياسية شاملة.
وشكّلت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة في شهر مايو الماضي نقطة تحول حاسمة في هذا السياق، حيث التقى خلالها بسمو ولي العهد – حفظه الله – في لقاء ناقش بشكل مباشر العقوبات المفروضة بموجب “قانون قيصر”.
وخلال اللقاء، عرض سموه رؤيته حول تداعيات استمرار العقوبات، مشددًا على ضرورة إنهاء آثارها التي عطّلت سبل التعافي داخل سوريا، وعرقلت مشاريع الإعمار، وأثّرت على حياة المدنيين بشكل مباشر.
وقد أبدى الرئيس الأمريكي تفهمًا كبيرًا لما طُرح خلال النقاش، ليعلن استعداده لاتخاذ خطوات عملية في هذا الاتجاه، تلبية لطلب سمو ولي العهد – حفظه الله –، وهو ما تُرجم لاحقًا عبر خطوات تشريعية داخل الكونغرس، وصولًا إلى توقيع “قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026م” الذي تضمّن رسميًا إلغاء “قانون قيصر”.
وأعربت المملكة عن تقديرها العميق لهذا القرار الأمريكي، الذي يمثل استجابة مباشرة لمبادراتها السياسية، وخطوة مهمة نحو تهيئة بيئة ملائمة لحل سياسي دائم في سوريا.
كما ثمّنت المملكة الدور الإيجابي الذي قام به فخامة الرئيس دونالد ترامب، بدءًا من تفاعله السريع مع الموقف السعودي خلال زيارته، وحتى التوقيع الرسمي على القرار، معتبرة أن هذه الاستجابة تعكس قوة العلاقة بين الرياض وواشنطن، وقدرة المملكة على التأثير البنّاء في ملفات إقليمية معقدة.
وتؤمن المملكة بأن رفع العقوبات يشكل انطلاقة جديدة للعمل العربي المشترك، ودعمًا لاستقرار سوريا، وإعادة بنائها، وتعزيز حضورها ضمن المنظومة الإقليمية والدولية، بما يضمن وحدتها وسلامة شعبها، في إطار تسوية عادلة ودائمة.




