مقالات وكتاب

الراية التي لا تنكسر… والقلوب التي لا تخون

بقلم  ــ مرزوق بن علي الزهراني

في زحمة هذا العالم المضطرب، تبقى الأوطان الملاذ الأصدق، والحقيقة التي لا تقبل التبديل. يبقى الوطن هو المعنى الأول للانتماء، ومصدر الأمان، والركن الذي تستند عليه الروح حين تتيه بها الطرقات. الوطن ليس أرضًا فحسب، بل كرامة وهوية وذاكرة ممتدة في عمق الإنسان؛ هو رائحة التراب بعد المطر، وصوت الأذان في الفجر، ونشيد الصباح في المدارس، ودعاء الأمهات في الغروب.

إن من أعظم الهبات التي نُرزق بها في هذه الحياة، أن نُولد على أرض طاهرة، وأن ننتمي لوطن مجيد مثل المملكة العربية السعودية، وطن قام على التوحيد، ونهض بالإيمان، وسار على نهج العدل، وحمل راية العز والكرامة والنهضة. وإن من واجبنا – نحن أبناء هذا الوطن – أن نغرس في أبنائنا هذه المحبة، لا ككلمات تُردد، بل كسلوك يُمارس، وكعهد لا ينكسر.

علّموهم أن الوطنية ليست نشيدًا يُحفظ، بل سلوكًا يُرى. علّموهم أن حب الوطن لا يعني التهليل فقط في المناسبات، بل أن تكون الصادق حين يغيب الرقيب، والمخلص حين تتعدد الخيارات، والباني حين يكثر الهادمون، والمدافع حين يتكاثر المتربصون. الوطنية عمل وأمانة، تعاون وبذل، احترام للنظام، وحفاظ على مقدرات الوطن وثرواته. هي تضحية بالجهد والفكر والوقت، وإذا اقتضى الأمر، بالروح والدم والنفس والأهل والولد.

علّموهم أن هذا الوطن ليس كأي وطن، بل وطن الحرمين الشريفين، وقبلة المسلمين، ومهبط الوحي، ومنارة الحضارة الإسلامية. علّموهم أن حكامه ليسوا مجرد قادة، بل رموزٌ للعدل والحكمة والنهضة. علّموهم أن احترام القيادة جزء من احترام الوطن، وأن من يحاول النيل من ولاة الأمر، إنما يطعن في هيبة الأمة واستقرارها.

وإننا في هذا اليوم المجيد – اليوم الوطني الخامس والتسعين – نتوجه بأسمى آيات التهاني، وأصدق مشاعر الولاء، إلى مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله – قائد الحكمة، ورمز العز، وسند الأمة، وإلى ولي عهده الأمين، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – عرّاب الرؤية، ومستقبل الأمة، وصانع أمجادها، ومُلهم شبابها، ودافع نهضتها المتسارعة نحو المجد والريادة.

في هذا اليوم، نعاهد الله ثم قيادتنا الرشيدة، أن نظل لهذا الوطن أوفياء، ولهذا العهد حافظين، وأن نكون له حصنه الحصين، وسوره المتين، وجنده المخلصين، في السلم والبناء، كما في الدفاع والفداء. كل فرد فينا هو جندي في موقعه، سلاحه إخلاصه، ودرعه صدقه، ورايته الولاء الخالص لهذا الوطن العظيم.

فليعلم كل من تسوّل له نفسه أن ينتقص من تراب هذا الوطن، أو يتطاول على رموزه، أن أبناء المملكة العربية السعودية هم سوره المنيع، وهم الذين يقفون سُدًا في وجه الحاقدين والمغرضين. لن نسمح بأن يُساء لوطننا، لا صمتًا، ولا رضًا، ولا حيادًا.

نحن أبناء هذا الوطن المجيد، نعلم أن الحق لا يُنتظر، بل يُنتزع، وأن العز لا يُمنح، بل يُبنى، وأن الراية لا تُرفع بالشعارات، بل بالتضحيات. وإننا إذ نعيش في ظلال رؤية 2030، فإننا ندرك أننا أمام وطن لا يركن إلى الماضي فحسب، بل يبني المستقبل بثقةٍ وشموخ، يقوده قائد عظيم وولي عهد ملهم، لا يعرف التراجع، ولا يقبل إلا بالمركز الأول.

وتأسيسا على ما سبق، فإن ما سلف من حب وولاء وانتماء، ليس حالة مؤقتة، بل عهد دائم. وإننا، أبناء هذا الوطن العظيم، نُقسم لله ولأنفسنا، أن هذا الوطن أمانة في أعناقنا، وأننا سنبذل أرواحنا فداءً له، ونُعلّم أبناءنا أن يكونوا له كما كان لنا: مهدًا، وملاذًا، ومقامًا لا يُجارى.

دمت يا وطني عزيزًا، ودامت رايتك خفاقة، ودام قادتك عزًا وفخرًا وشموخًا.
وكل عام وأنت في عز ومجد لا يُضاهى.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى